الاثنين، 21 مايو 2012

جرحى سوريا يعانون الإهمال في تركيا


وسيمة بن صالح - إسطنبول

من داخل بيت أجره لهم طبيب سوري مقيم في تركيا من مصروفه الخاص، يتقاسم 15 جريح سوري معاناتهم و آلامهم و يواسون بعضهم البعض، جرحى فضلوا الهرب من  المستشفى الوطني بأنطاكيا للعلاج في مدينة إسطنبول، متحملين 17 ساعة سفر بالباص، فقط لكي ينقذوا أطراف أجسامهم من البتر و القطع كما يقولون. مؤكدين أنهم لو كانوا يعرفون أن الأطباء في أنطاكيا بلا رحمة لكانوا ظلوا في سوريا للموت بشرف و لا المذلة التي يعايشونها على الأراضي التركية  ليس من قبل الأتراك بل من قبل أبناء وطنهم '' السوريين ''.


أصيب أحمد ر. من كفر نبودة بانفجار لغمي قتل 14 من رفاقه و أصابه بحروق و إصابات بليغة في أماكن متفرقة من جسده. ظل لمدة 8 أيام في منزل أهله و شظايا اللغم داخل جسده خاصة رجله اليمنى التي أصيبت بضرر بالغ كما يروي، و تم تهريبه ليعالج في مدينة أنطاكيا. حيث يقول أنه بقي لمدة شهرين و نصف ينتظر وعود الأطباء هناك بإجراء عملية له، '' في بعض الأحيان لم أكن أستطيع تحمل الروائح الكريهة الصادرة عن الجرح، عندما يتأخرون أياما لتنظيفه. ''. و عندما عرف أن شبابا يهربون لمدينة إسطنبول للعلاج، قرر بدوره المجازفة و مرافقتهم عله يجد نهاية لمعاناته. إلا أنه و بسبب الإهمال الطويل لجراحه كما يقول، تم بتر ساقه اليمنى،و هو أمر صعب يحاول التعود عليه  معلقا بحزن '' تغربت عالفاضي و في آخر المطاف فقدت ساقي ''.
أما الجريح سامي ع. فقد كان أوفر حظا منه، لأنه لم يبقى حتى يقرر الأطباء قطع أصابع رجله كما يقول '' الأطباء في أنطاكيا مجرمون، ما يبرعون فيه هو بتر الأطراف مباشرة ''. و قد نجح الأطباء في إحدى مستشفيات  إسطنبول بترميم أصابعه، و رغم أنه سيحتاج لعلاج فيزيائي لمدة طويلة، لكنه يحمد الله أنه لم يفقدها. معبرا عن خيبة أمله عندما لامس التعامل مع الجرحى السوريين في تركيا، بعد أن كان يظن أن الوضع جيد، مؤكدا أن انعدام الأمان في سوريا و قصف قراهم  هو السبب الوحيد الذي أقنعه بالذهاب لأنطاكيا لتلقي العلاج، خاتما قوله قائلا : '' على الأقل الأطباء بسوريا في قلوبهم رحمة ! ''




 و يوافقه الرأي الجريح أبو حمزة الذي يحكي بغضب كيف أن الأطباء في المستشفى الوطني بأنطاكيا أخبروه أن ساقه سليمة  بحاجة للتجبير فقط، ليفاجأ بعد قدومه لإسطنبول أنها مصابة بعشرين كسرا، '' لو كنت اتبعت تعليماتهم، كنت سأصاب بالغارغرينا و بالتالي أفقد ساقي '' . لكنه أيضا لا يلقي باللوم على الحكومة التركية و لا العاملين في المشافي التركية، بل يلقي باللوم على  السوريين في تركيا و الخارج لأن قضيتهم واحدة و يجب أن يكونوا موحدين، معلقا أنهم يريدون فقط سوريا على طبق من فضة 
'' نحن مظلومون في الداخل و الخارج، لكننا بإذن الله سننتصر ''.

جريح آخر أصيب في عموده الفقري، و ظل حبيس فراشه لمدة 4 أشهر قبل أن يستطيع تركيب بلاتين في عموده الفقري، و مازال يعاني من مضاعفات الإصابة، يعبر عن تأثير سوء التعامل معهم على معنوياته بشكل سلبي قائلا : '' عندما كنا في سوريا، كنا نقتسم قطعة الخبز بين عشرة، فقط لنظل صامدين، لكن وضع السوريين في الخارج أصابني بحالة يأس''. متسائلا كيف أن '' ملايين السوريين المغتربين لا يستطيعون التكفل بعلاج عشرات الجرحى الذين خروجوا يقاتلون من أجل كرامة كل السوريين؟''





 و في اتصال هاتفي مع الجزيرة.نت، يشير د.أحمد من اللجنة الوطنية لرابطة الأطباء السوريين المغتربين بالسعودية أن طبيعة الرصاص المتفجر و طريقة نقل المصابين من داخل سوريا للأراضي التركية، يزيد من تفاقم الإصابات التي تصاب بسرعة بإنتان و تصبح خطيرة. و بما أن العديد من الحالات تضطر لإنتظار دورها ليتم نقلها لمشافي أنقرة أو إسطنبول، فهذا يعقد الأمور و يؤدي لحالات بتر و ضرر بالغ.
كما يفيد أنه و باستثناء فئة صغيرة من الناس  الذين يدعمون الجرحى بصدق و أمانة، فلا تصل نسبة 25% من المساعدات المرسلة للجرحى ليستفيدوا منها. رغم أنهم و كما يصفهم '' أساس الثورة السورية '' و يجب أن يحظوا بكامل العناية حسب تعليقه.  و يتذكر كيف أن جريحا و قبل أن يستشهد متأثرا بجراحه. كان يريد العودة للموت في سوريا بشرف بدل البقاء و تحمل ظلم و حسنات ناس يمنون عليه أنهم يدفعون أموالا لمعالجته.
 كما يصف وضع المراكز التي ينقل إليها الجرحى بهدف '' النقاهة '' لا تتوفر على أدنى شروط  الراحة و لا الطعام الكافي للمريض الجريح لإستعادة قواهم. مناشدا الجهات المتبرعة بالتقصي بشكل جيد قبل إرسال المساعدات و التأكد أن ما تبعثه في أيدي أمينة و سيصل لمستحقينه، بدل إرسالها لجهات وصفها بأنها '' مصاصي دماء و تعيش على دماء الجرحى''.

و يعالج الجرحى في مدينة إسطنبول بعضهم على حسابه الشخصي بفضل مساعدات أقارب أو معارف له، و الآخرون يحاول بعض اللاجئين السوريين في إسطنبول جمع تبرعات لهم بوسائل مختلفة و مجهودات فردية. و يجمعون أنهم حتى بدون أخذ فترة نقاهة سيعودون لسوريا للقتال ضد اقوات النظام السوري حتى إسقاطه أو نيل الشهادة.


و يعالج الجرحى في مدينة إسطنبول بعضهم على حسابه الشخصي بفضل مساعدات أقارب أو معارف له، و الآخرون يحاول بعض اللاجئين السوريين في إسطنبول جمع تبرعات لهم بوسائل مختلفة و مجهودات فردية. و يجمعون أنهم حتى بدون أخذ فترة نقاهة سيعودون لسوريا للقتال ضد اقوات النظام السوري حتى إسقاطه أو نيل الشهادة.