الأحد، 10 يونيو 2012

تركيا تحظر الإضراب في مجال النقل الجوي


وسيمة بن صالح - إسطنبول

احتجاجا على خطط الحكومة التركية لمنع الإضرابات في قطاع الطيران المدني، توقف عدد كبير من موظفي شركة الخطوط الجوية التركية عن العمل نهاية الشهر الماضي، مما سبب إلغاء أكثر من مائة رحلة. فكان رد الشركة فصل 305 من طواقم الضيافة و الطواقم الفنية و الهندسية الذين شاركوا في الإضراب عن العمل، من بينهم ثلاثة طيارين. أما الحكومة التركية فقد أقرت بعد يومين من الإضراب، مشروع القانون الذي يحظر الإضراب في قطاع النقل الجوي.

و أمام إحدى بوابات الرحلات الدولية لمطار أتاتورك الدولي، بدأ العاملون الذين فقدوا وظائفهم بشكل تعسفي كما يقولون اعتصاما مفتوحا، لن يفكوه إلا بعد أن تتحقق مطالبهم و أهمها : تغيير القانون الجديد و إعادتهم لمناصبهم.

و حسب أتيلاي أيشن رئيس نقابة عمال الطيران المدني التركية، فبوادر الأزمة تعود إلى ما قبل 18 شهر،  عرقلت خلالها شركة الخطوط الجوية تنفيذ شروط الإتفاقيات الجماعية التي تعقدها عادة النقابة لتأمين قواعد خاصة بما يتعلق بأجور العاملين و تحسين ظروف العمل و حقوقهم بشكل عام.
 مفيدا أنهم كانوا ينوون الإضراب لجعل الشركة تنصت إليهم، لكنهم اكتشفوا أن هناك خطة حكومية لمصادرة هذا الحق منهم، فقرروا الإضراب عن العمل احتجاجا على هذه الخطة. علما أنه هذا الإضراب الثاني لهم منذ 20 سنة كما قال. و يرى مصادرة حق من حقوق العمال الشرعية عالميا، عيب على '' دولة تدعي الديموقراطية و ترغب بالإنضمام للإتحاد الأوروبي '' حسب تعبيره.  معلنا أنهم بدؤوا كل الإجراءات القانونية التي تخول لهم الطعن في هذا القانون الجديد، و أن المفصولين عن العمل منهم من بدأ برفع دعاوي ضد الشركة في محكمة الخاصة بنزاعات الشغل.



ديليك التي تعمل في الخطوط الجوية التركية كمضيفة طيران منذ 13 سنة، هي إحدى اللواتي تعرضن للفصل، لا تخفي أن الأجور التي يتلقونها أعلى مقارنة بباقي الخطوط الجوية، لكن المشكلة تكمن في غياب قانون يضمن حقوق العاملين باستثناء الشروط التي تنص عليها إتفاقيات العمل الجماعية التي تبرمها النقابة مع الشركة.  تشكي ضغط الإدارة الجديدة للشركة، التي تجبرهم على العمل حتى عند الإصابة بوعكات صحية، إذ أن الحصول على تقرير طبي هو بمثابة معجزة، بعد أن اكتشفوا أن الأطباء في المشافي التي يقصدونها ما إن يعرفوا إنهم من طاقم شركة الخطوط الجوية التركية حتى يرفضون تقديم تقرير طبي للتغيب عن العمل بدعوى أن المرض ليس خطيرا كما تقول. مؤكدة أن هناك زملاء لها اضطروا للعمل رغم معاناتهم من تمزقات في آذانهم. و تتابع أنه حتى أيام استراحتهم، بدلا أن تبدأ بعد 14 ساعة من توقيت آخررحلة يقومون بها، '' لكن الشركة لا تحترم هذا، بل تعتبرنا دخلنا يوم إستراحتنا ما إن تحط طائرة الرحلة الأخيرة في برنامجنا '' كما صرحت.
ديليك تؤكد أنهم يطالبون أن يتم مراعاة حالتهم الصحية و نيل قسط مناسب من الراحة ليتمكنوا من العمل بشكل جيد و تتابع '' عملنا يتطلب الإنتباه التام لكل الحواس، و عواقب الإرهاق المتواصل و استنزاف طاقاتنا سيكون وخيما.'' مشيرة إلى أن أي انخفاض بسيط في تطبيق شروط السلامة على متن الطائرة يجعل حياة الطاقم و المسافرين في خطر.معبرة عن حزنها لأن زملائها الذين كانوا في إجازة يوم الإضراب، لكنهم آثروا القدوم و الوقوف معهم، هم أيضا فصلوا عن العمل. 
من جهته يشتكي خلدون الذي كان يعمل منذ 14 عاما ضمن الطاقم الفني لصيانة الطائرات قبل فصله عن العمل، من إجبار الإدارة له كمسؤول صيانة على تصديق مهمة العاملين الذين قاموا بأعمال صيانة لطائرات لا تدخل في مجال خبرته. و هذا طبعا يجعله يتحمل مسؤولية جسيمة في حالة حصل حادث كما يقول متابعا '' لا يتاح لي الوقت حتى للكشف عن التغييرات التي طرأت على الآلة، و إذا رفضت الإنصياع للأوامر أهدد بالطرد ''. مشيرا أن معظم أعضاء الإدارة الجديدة للشركة هم من خارج قطاع الطيران. و عبر عن رفضه للعودة للعمل مع نفس الشركة، لأنها رمته كممسحة عندما قرر استخدام حق شرعي له للإحتجاج على شروط العمل، لكنه سيواصل الإعتصام تضامنا مع زملائه.
أما شركة الخطوط التركية ، فهي ترفض الإدلاء بأي تصريح في ما يتعلق بهذه الأزمة، إذ أكدت إحدى العاملات في مقر الشركة الرئيسي في مدينة إسطنبول عند اتصال الجزيرة.نت بها، أن إدارة الشركة اتخذت قرار بعدم التحدث للإعلام في هذا الشأن.
يشار إلى أن النائب البرلماني عن حزب العدالة و التنمية في مدينة إسطنبول متين كولوك هو من قام بتحضير مسودة مشروع منع الإضراب في مجال النقل الجوي و مجالات أخرى. و ذلك بعد  أن تسبب الإضراب في إلغاء أكثر من 100 رحلة طيران. فيما وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان القرار الجديد بالخطوة الأولى من أجل إقرار عقود عمل جديدة و تحسين العمل وخدمات الضمان الإجتماعي للعاملين.
القانون الجديد أيضا يمنع الإضراب للعاملين في قطاعات أخرى هي : خدمات الإنعاش، الجنازة، بعض فروع قطاع الطاقة، قطاع البنك، الكاتب العدلي، قطاع الإطفاء، النقل البحري المدني والنقل البري والسكك الحديدية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق