الجمعة، 7 يونيو 2013

احتجاجات تقسيم : إنصاف للبيئة أم تصفية حسابات مع الحكومة التركية؟

وسيمة بن صالح - تركيا

تصدر ميدان تقسيم الواقع بمركز مدينة إسطنبول واجهة الأخبار المحلية بتركيا و العالمية خلال الأيام السابقة، بعدما تحول احتجاج صغير لمجموعة من أنصار البيئة إلى مواجهات عنيفة ما بين محتجين ضد حكومة حزب العدالة و التنمية و شرطة مكافحة الشغب التركية، لتمتد إلى بعض المدن التركية الأخرى خاصة العاصمة أنقرة. لكن الملاحظ أن المدن التي انتفضت دعما لما وصفوه '' لثورة تقسيم '' معروفة بأنها معاقل لمؤيدي التيار العلماني بتركيا خاصة مدينة إزمير.
و بدأ الموضوع عندما قام مجموعة من أنصار البيئة بالإعتصام بحديقة '' غيري '' بمنطقة تقسيم التي تعد قلب مدينة إسطنبول الحيوي، بالإعتصام بالحديقة و نصب خيام احتجاجا على مشروع إزالة الحديقة لبناء مبنى على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني يضم مركزا ثقافيا و ربما مركزا تسوق. و بعد قيام شرطة مكافحة الشغب التركية بهدم الخيام و تفريق المعتصمين بالقوة، توسع الإحتجاج ليصبح مظاهرة ضد الحكومة التركية.

و تصف باهار بويوك يلماز إحدى المتظاهرات من العاصمة أنقرة و المنتمية لحزب الشعب الجمهوري المعارض حادثة الحديقة
'' بالنقطة التي أفاضت الكأس'' لهذا أصبحت رمزا للإحتجاجات. متهمة حزب العدالة و التنمية بالتوجه لبناء محلات و أبنية بهدف الربح التجاري على حساب الأماكن الخضراء بمدينة إسطنبول. كما أشارت إلى أن تدخل الشرطة بشكل عنيف ضد المعتصمين بالحديقة، جعلت آخرين ينضمون للمظاهرات لدعمهم و التعبير عن مطالبهم منهم الطبقات التي ترى أن أغنياء البلد يهمشونهم بمثل هذه المشاريع.  و اتهمت من وصفتهم '' بالأناركيين '' المندسين ضمن مجموعة المتظاهرين  بإلحاق ضرر و تدمير بالعديد من الممتلكات الخاصة و العامة في مناطق المظاهرات منها مناطق خضراء. لكنها في نفس الوقت انتقدت شرطة مكافحة الشغب الغاز المدمع ومسحوق الفلفل لصد المتظاهرين الذين قالت إنهم '' أبناء الوطن و لا يجب إيذاؤهم بهذا الشكل''.
و عند سؤالها عن عدم تقديم المتظاهرين عريضة مشتركة لإيضاح مطالبهم من الحكومة بدل الإتجاه للعنف، قالت أن المحتجين ليسوا أعضاء في تنظيم معين يمكن أن يعتمدوا عليه لتحرير مثل هذه العريضة، و هم من مختلف الإنتماءات، لهذا توجهوا للتعبير عن أنفسهم بهذا الشكل لنفاذ الوسائل لديهم. لكنها قالت أنه و بعد انسحاب الشرطة و إعلام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بفتح تحقيق في ممارسات شرطة مكافحة الشغب خلال صد المظاهرات و صدور قرار محكمة إدارية بإسطنبول لتعليق مشروع الحديقة، فإن الإحتجاجات ستخمد '' و قد خمدت فعلا. و لن تكون حاضرة في الأيام المقبلة، لأن الكل عبر عن مشاعره بالشكل الذي راه مناسبا و انتهى الموضوع.'' تقول.

من جانبه أفاد الصحفي التركي عاكف بيكي و هو من المقربين لحزب العدالة و التنمية، بأن المتظاهرين حولوا موضوعا بدأ بهدف بريئ و شرعي '' لضحية هوس لتحويل ميدان تقسيم '' لميدان التحرير ''  و المناداة بإسقاط الحكومة التركية. و أكد بأن الحكومة مجبرة على الإستماع لمطالب الشارع، و عدم التعامل بتعالي معهم، و هذا  أصلا شعار حزب العدالة و التنمية كما قال متسائلا :'' لكن ألا يجب أولا على الشارع تحديد مطالبه المشروعة بأسلون منطقي و ديموقراطي؟'' و قال أن المتظاهرين إذا كانوا يريدون تصفية حسابات مع الحزب الحاكم '' فلينتظروا إذن الإنتخابات الرئاسية التركية لعام 2014 للتعبير عن مطالبهم عبر صناديق الإقتراع!'' و استهجن أن يصل العداء لحزب العدالة و التنمية ليصل لعداء لمصلحة تركيا لوطن، لأنه و برأيه هذا الأسلوب لا يمت بصلة لمبادئ الديموقراطية و الحرية و الحقوق.
كما اتهم المتظاهرين باستغلالهم واقعة الحديقة للحصول على مكسب آني و هو إسقاط الحكومة، بنقل التظاهر إلى شبكات التواصل الإجتماعي و خاصة تويتر لكن بشكل مبتذل كما قال '' إذ أنهم اعتمدوا على نشر الأخبار الصفراء و الحقائق و الصور المفبركة، و شعارات مبرهجة مثل '' الربيع التركي قادم '' و غيرها من  الشعارات التي تحث المتظاهرين على الصمود لإسقاط الحكومة و القيام بإنقلاب عليها من خلال المحكمة الدستورية ''. و هذا حسب تعبيره، أخرج الإحتجاج على الممارسات العنيفة للشرطة ضد المتظاهرين عن سياقه و حرم المتضررين من الدفاع عن حقوقهم.


 و تعرف منطقة تقسيم بحركة السيارات الضخمة فيها، كونها مركزا سياحيا و اقتصاديا حيويا بمدينة إسطنبول، و المشروع الجديد لإعادة تهيئتها الذي تقوم به بلدية المدينة بدعم من حزب العدالة و التنمية يهدف لجعلها منطقة مشاة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق