الجمعة، 20 أبريل 2012

توسع في التعليم الديني بتركيا

وسيمة بن صالح - إسطنبول
منذ وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة في تركيا, بدأ شكل التعليم يتغير ليأخذ اتجاها جديدا يسمح بتعليم القرآن والعلوم الإسلامية, ليحظى الجيل التركي الجديد بفرصة الحصول على هذا النوع من التعليم منذ الصغر بحرية مطلقة، عكس الأجيال السابقة التي حرمت منه بسبب قرارات الحكومات العلمانية المتعاقبة.
فبعد موافقة البرلمان التركي على إصلاح نظام التعليم وإدخال القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة مواد اختيارية في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ها هي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التركية تمسك إدارة مراكز تعليم القرآن الكريم بعد أن كانت إدارتها بيد وزارة التربية الوطنية.
لن يقتصر عمل هذه المراكز فقط على تعليم القرآن الكريم، بل تشمل تعليم منهج ديني متكامل طيلة العام وليس فقط فترة الصيف.
كان قرار مجلس الأمن القومي التركي بعد انقلاب 28 فبراير/شباط 1997 قد حرم العديد من الأسر التركية من إرسال أبنائها دون سن 15 لتلقي التعليم الديني في مراكز تعليم القرآن الكريم.
ومعروف أن السياسة العلمانية لتركيا تمنع التعليم الديني في المدارس, لكن حكومة العدالة والتنمية رخصت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي تعليم القرآن للأطفال دون التقيد بأي سن أو مرحلة عمرية معينة في المراكز الخاصة به.
أما هذا العام فقد أدخلت تعديلات يصفها البعض بالجذرية على نفس القانون، إذ ستسمح وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أيضا بفتح مراكز تعليم القرآن الكريم في المساجد والأماكن التي تراها مناسبة لتقديم التعليم الديني الذي لن يقتصر فقط على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، بل سيشمل السيرة النبوية الشريفة والأحاديث وتفسير معاني السور والآيات والأدعية والأخلاق الإسلامية, إضافة إلى أنشطة اجتماعية وثقافية إسلامية.
كما يمكن للأجانب المقيمين في تركيا الالتحاق بهذه المراكز، أما غير المقيمين فعليهم الحصول على إذن من وزارة الخارجية.
وقد علقت نور سيرتار النائبة عن حزب الشعب الجمهوري المعارض في الإعلام التركي -المعروف عنها محاربتها لكل مظاهر الدين في المؤسسات التعليمية- عن هذه التعديلات بأنها "غسل للأدمغة" و"دعاية للإسلام السياسي".
واقتبست إحدى الجمل التي استخدمها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بتصريح حول الموضوع "نريد تربية جيل ورع"، لتتساءل عما إذا كان يهدف من وراء هذا إلى "تربية جيل من الملالي المتشددين", حسب تعبيرها.
وانتقدت تدريس القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة في المدارس, متسائلة عن جدوى ذلك "ما دامت هذه المواد ستدرس في المراكز الدينية وطيلة العام".
أما جمال دمير نائب مدير ثانوية إمام الخطيب بمنطقة أسكودار بمدينة إسطنبول فيعبر عن ارتياحه الكبير لهذه التعديلات الجديدة، لأنها ستزيد برأيه من التحاق التلاميذ بهذه المدارس إضافة إلى أنها "ستعيد لخريجي مدارس إمام الخطيب الدينية حقوقهم للالتحاق بأي تخصص يرغبونه في الجامعات"، بعد أن كان يطبق عليهم نظام علامات مغاير للنظام المستعمل مع علامات طلاب المدارس الأخرى، "مما كان يجعل علاماتهم دائما منخفضة، وبالتالي كانوا يجبرون على الالتحاق بتخصصات محددة لا تكون فعلا ما يرغبون به"، حسب تعبيره.

وتوافقه الرأي حنيفة غوكدمير، وهي إحدى خريجات مدارس إمام الخطيب، التي تفيد بأنها الآن ممتنة لقرار الحكومة التركية الذي يتماشى مع رغبة قسم كبير من الشعب التركي، "الذي عانى من الحرمان من ممارسة شعائره الدينية لعقود".
وتؤكد أنها وزوجها حرصا منذ بلغ طفلاهما خمس سنوات على إرسالهما لتعلم القرآن الكريم في بيوت بعض العائلات بشكل خفي، كما أنهما يحرصان على "الجلوس كل مساء معهما لمراجعة ما تعلماه من الذكر الحكيم" كطقس يومي للأسرة، كما قالت.
وعندما سألت الجزيرة نت محمد علي الابن الأكبر البالغ من العمر تسع سنوات لماذا يريد تعلم القرآن الكريم أجاب بأن "القرآن الكريم هو كتاب المسلمين، والله يحب الذين يقرؤونه، ولنستحق دخول الجنة يجب أن نقرأه". وتشير الأم إلى أن الطفلين قد شارفا على ختم القرآن الكريم قراءة، وأنهما يحفظان جل السور القصيرة.

اللاجئون السوريون خارج المخيمات بتركيا


وسيمة بن صالح - إسطنبول
مازال النازحون السوريون يتوافدون على الأراضي التركية يوما بعد يوم منذ بداية الثورة في بلادهم، يدفعهم الخوف من الاعتقال والقتل، وسواء كانوا داخل المخيمات التركية أو خارجها، فهم يناضلون لتوفير لقمة العيش والتعليم لأبنائهم، مترقبين بصبر سقوط النظام الحاكم للعودة إلى ربوع الوطن.
كثير من اللاجئين الذين نزحوا، لم يقبلوا العيش داخل المخيمات التي تعاني من ظروف سيئة أصلا كما يقولون، وجازفوا بالقدوم إلى مدينة إسطنبول أملا في الحصول على فرص عمل، أو أن تمد لهم المنظمات الإنسانية يد العون.
لكنهم وجدوا أنفسهم يواجهون واقعا مغايرا فرض عليهم قبول العيش في ظروف صعبة داخل بيوت قديمة، شبه فارغة، يقاسون البرد ويحاولون تدبير أمورهم دون طلب أي مساعدة من الآخرين صونا لما تبقى لهم من كرامة لم يفلح النظام السوري في تحطيمها كما تقول إحدى النازحات من دمشق.
وكشفت ناشطة سياسية فضلت عدم ذكر اسمها، للجزيرة نت، تعرضها للتحقيق عدة مرات من قبل الأمن السوري، وبعد تلقيها تهديدات مباشرة مع انطلاق الثورة، آثرت النزوح مع ولديها إلى تركيا، تاركة خلفها زوجها وابنها بدمشق، قائلة ''لولا خوفي من الاعتقال والاغتصاب، ما كنت فتحت باب بيتي وطلعت من بلدي''.
تمكنت هذه الناشطة من الحصول على عمل مدرسة لغة عربية في إسطنبول، لكنها وجدت نفسها مضطرة للعمل ساعات طويلة، لتصرف على ''بيت في مدينة غالية مثل إسطنبول، وولدين، براتب واحد''.
وتشير إلى أن السلطات الأمنية التركية رفضت طلبها للحصول على إقامة مؤقتة بحجة أن عقد إيجار المنزل يجب أن يكون بتاريخ نفس اليوم الذي وصلت فيه، إضافة إلى أنهم طلبوا شهادة ميلاد ابنها البالغ من العمر 14 عاما مصدقة من الخارجية والسفارة السورية بتركيا، وهذا ''أمر مستحيل في ظل الظروف الراهنة'' كما تقول، مؤكدة أنها الآن تعيش بشكل مخالف للقانون التركي الذي يسمح للسوريين بالإقامة السياحية فقط لمدة ثلاثة أشهر.
لكنها تحمد الله وتؤكد أن وضعها ''أهون بكثير من باقي العوائل التي تعاني بصمت'' مثل أسرة نازحة في مدينة إسطنبول، يخرج فيها الأب وأطفاله إلى المقابر لجمع بقايا ما يجدونه من حطب وأوراق للتدفئة في منزل مكون من غرفتين.
ورغم هذه الأحوال المزرية، فقد قررت هذه الأسرة تخصيص القسم الأكبر من الأجرة الزهيدة التي يحصل عليها الأب من عمله كمترجم، لتأمين مبلغ يدفعونه لمن يقبل بتقديم دروس خاصة لأبنائهم من المدرسين العرب في إسطنبول.


طلاب محرومون

هاجس تعليم الأبناء هو إحدى العقبات الكبيرة التي تناضل العوائل السورية النازحة للتغلب عليها، كما تؤكد لاجئة زوجة لأحد المعتقلين السابقين، هربت مع أسرتها بعد أن أصبح زوجها مطلوبا في كل الأفرع الأمنية بمدينة اللاذقية.
تقول اللاجئة إنهم باعوا سيارتهم داخل سوريا لتأمين مصاريف السفر إلى تركيا وتأمين مستقبل أطفالهم الثلاثة، علما أن زوجها -كما تقول- نزح بشكل غير شرعي إلى تركيا مشيا على الأقدام بعد تعميم اسمه من قبل الأمن السوري على كل الحدود.
ومع أنهم يعيشون داخل منزل فارغ من الأثاث فإن ما يشغلهم -كما تقول الأم- توفير فرصة التعليم لولديها ''قلبي محروق لأن المدارس العربية في إسطنبول لم تقبل تسجيل أبنائي، والمدرسة الوحيدة التي قبلت ذلك اشترطت دفع أقساط الفصل التي تبلغ 1600 دولار لطفلين في المرحلة الابتدائية''.
وتؤكد أن تأمين مثل هذا المبلغ في يومين -المدة التي أمهلتها المدرسة- أمر مستحيل، قائلة ''لم ألغ تسجيل أبنائي، لكنني أيضا لم أستطع إرسالهم إلى المدرسة، أشعر بحيرة وغبن كبيرين، وفي انتظار فرج الله''.
وتؤكد أن أسرتها مستعدة للعودة لسوريا في نفس اليوم الذي يسقط النظام الحاكم، وأنهم مستعدون للعودة أيضا إذا تم فتح ممرات آمنة.
ويحس الطلاب السوريون في المدارس العربية بمدينة إسطنبول أن المسؤولين عن هذه المدارس، يحتذون بنظام الأسد في القمع ويشتكون من الطلاب الذين يتكلمون عن الأوضاع في سوريا، مما جعل العديد من الطلاب يغادرون المدارس أو يتعرضون للطرد.
كما يشكو طالب لم يقبل بذكر اسمه خوفا من التعرض للطرد بدوره، أن هذا التعامل جعل العديد من الطلاب السوريين يتحاشون ذكر ما يحدث في سوريا داخل المدارس ''حتى إن أحد أصدقائي غادر المدرسة منذ فترة، وهو الآن في طريقه لدخول سوريا لحمل السلاح والقتال إلى جانب الثوار''.
ويؤكد أن العديد من الطلاب السوريين يعيشون ظروفا نفسية سيئة، خاصة الذين لا يتوافرون على أقساط المدارس أو الذين تم طردهم من المدارس في نصف السنة الدراسية، معبرا عن أمله أن تقوم الجمعيات العربية في تركيا بتقديم الدعم لهؤلاء الطلاب والتكفل بتدريسهم وعدم حرمانهم من حقهم الأساسي لتأمين مستقبلهم.
ويحاول معظم هؤلاء النازحين ألا يحتكوا بالآخرين كثيرا، خوفا من أعين المخابرات السورية التي يمكن أن تؤذيهم وتؤذي عوائلهم التي مازالت داخل سوريا.

الأحد، 8 أبريل 2012

صعوبات تواجه العرب و الأجانب مع شركات المحمول في تركيا

وسيمة بن صالح - إسطنبول

لا يحصل العرب و الأجانب عامة بسهولة على خدمات شركات المحمول في تركيا، إلا وفقا لشروط معينة، فإضافة إلى حاجز اللغة الذي يحول دون استيعاب منطق بعض تلك الشروط، مازالت هناك صعوبات تواجههم فيما يخص شراء الخطوط مسبقة الدفع، و استعمال هواتفهم المحمولة التي جلبوها معهم من بلدانهم الأصلية.

 تتواجد في السوق التركي ثلاث شركات للمحمول هي توركسيل، فودافون و أفييا، لا تفرض الأولى أية شروط إضافية على الأجانب إلا فيما يخص الإشتراك بالفاتورة، لكن شركة فودافون تنتهج سياسة بيع خطوط خاصة بالسياح، يعادل ثمنها  45 دولار، و هو ضعف البطاقة نفسها التي يشتريها الأتراك. و تباع  هذه البطاقة خاصة للسياح العرب، لأن شركة فودافون لا تقبل الجوازات المكتوب عليها بلغة ذات أحرف غير لاتينية.
و في اتصال مع مركز خدمة الزبائن الخاص بفودافون، استفسارا عن الموضوع، أفادت العاملة أن هذه هي سياسة الشركة، دون إضافة أي تفسير آخر.
لكن في الرد الذي أرسلته خدمة الزبائن أونلاين فيما يخص نفس الإستفسار، كانت الإجابة أن كل حامل لجواز سفر عليه أحرف غير لاتينية، يجب ترجمته بواسطة  المترجم المحلف و يصدقه الموثق العام، بعدها يتمكن من شراء بطاقة مسبقة الدفع بالتعريفة العادية.
علما أن عملية الترجمة و التصديق ، يمكن أن تكلف ما يفوق 85 دولار، و الجوازات العربية تتوفر على قسم مكتوب بالأحرف اللاتينية.
'' رغم أن عروض فودافون جيدة و رخيصة بالمقارنة مع باقي شركات المحمول في تركيا، لكن مع الأسف هذه التفرقة في المعاملة، هي مصدر إزعاج للكثيرين'' يعلق الطالب المغربي محمد أيمن الزيزي و يتابع : '' من يرغب في الإستفادة من العروض، يضطر لاستعمال خطوط مسجلة بإسم معارفهم من الأتراك''
و تتذكر شذى بركات المدرسة السورية المقيمة بشكل مؤقت في تركيا، بحنق تعرضها للإحتيال من قبل صاحب محل لبيع خطوط الهاتف المحمول، إذ باعها هذا الأخير خطا لشركة فودافون بما يعادل 60 دولار، بعد أن أخذ نسخة من جواز سفرها و سجل كل بياناتها الشخصية حسب قولها، لتفاجأ بعد فترة قصيرة من انقطاع الخدمة عن الخط كما أفادت و تتابع : '' عدت لنفس المحل مع أحد معارفي الأتراك، فأنكر البائع تماما بيعه للبطاقة، و  بعد مجادلة طويلة بينهما و دخول بعض الزبائن للمحل، اعترف أنه باعني بطاقة مستعملة و مسجلة بإسم شخص آخر، و تنتهي بعد  أسبوع ''  و تختم قائلة " لأننا لا نعرف اللغة التركية، يحتالون علينا بعنصرية غريبة ''.

 أما شركة  '' أفيا ''، فأسلوبها ضبابي فيما يخص هذه المسألة، ففي حين يؤكد مركز خدمة الزبائن هاتفيا، أن الجميع يمكنهم الحصول على البطاقات كيفما كان نوع جواز سفرهم، إلا أنه و في كثير من محلات بيع خطوط الشركة، يرفض العاملون تقديم هذه الخدمة للعرب، فيما يقدمها الآخرون حتى بدون السؤال عن جواز السفر.

  نظام تسجيل الهواتف المحمولة

تفرض مؤسسة تكنولوجيا المعلومات و الإتصالات التركية قانونا ينص على قطع خدمة الإتصال عن كل محمول يجلب من خارج تركيا بعد أن يستعمل خطا هاتفيا تركيا لمدة أقصاها أسبوعين.
و عليه يجب تسجيل هذه الهواتف في قاعدة البيانات التركية المتعلقة بأرقام التعريف الدولية الخاصة بأجهزة المحمول، باستعمال جواز سفر عليه ختم يؤكد أن صاحب المحمول دخل تركيا منذ فترة أقصاها شهر.
 و حسب الموقع الإلكتروني لنفس المؤسسة، يعتبر هذا القانون الطريقة الأمثل لتعقب الهواتف المسروقة، منع التهرب من دفع الضرائب و الحفاظ على استقرار الهواتف المحمولة المحلي.

 و ترفض الصحفية الفنلندية '' لوتا نيوتيو '' هذا القانون لأنه و حسب تعليقها '' كان سببا في عرقلتها من القيام بعملها الصحفي ''، عندما انقطعت الخدمة فجأة عن هاتفها المحمول بينما كانت منهمكة بتغطية  حدث مهم، فاضطرت وقتها كما تتابع  ''لشراء محمول بما يعادل 52 دولار من أول محل صادفته. ''

و تعبر عن حسرتها لأنها أجبرت على استعمال هاتف يفتقد المميزات المناسبة لعملها لفترة، بعد أن خسرت هاتفها ذو المميزات المتطورة، و الذي كان بإمكانها استعمالها لسنوات أخرى كما قالت.

   يشاركها حسرتها الشاب التركي '' محمد جونغوردو '' العامل في مجال الإعلام الجديد، الذي يؤكد أن ثمن الهواتف المحمولة في تركيا مرتفع، و أن مثل هذا القانون لا يخدم سوى مصلحة بعض الشركات الخاصة التي تحرم المواطن من الإستفادة من آخر التطورات التكنولوجية في مجال الهواتف المحمولة.
و يتابع '' أعتبر هذا ضد حرية الإختيار الشخصية للمواطن الذي يجد نفسه  يقتنص كل معارفه لتسجيل هاتفه بجوازات سفرهم، أو اتباع أسلوب غير شرعي، بتغيير رقم التعريف الدولي الخاص بهاتفه عند محلات تقوم بهذا بشكل غير رسمي.'' و هذا حسب جونغوردو يعرض الهاتف للإقفال بعد فترة، بعد اكتشاف الموضوع من قبل الجهات المختصة.
و يشير إلى أنه  لا يسمح إلا بتسجيل هاتف واحد خلال سنتين بنفس جواز السفر، متمنيا أن يتم تعديل هذه الفترة لتكون ستة أشهر أو يلغى القانون في أقرب وقت ممكن خاصة مع الإنفتاح التكنولوجي الذي يعرفه العالم حاليا على حد تعبيره.

نظام تعليم جديد في تركيا

وسيمة بن صالح - إسطنبول

تطوي حكومة العدالة و التنمية التركية صفحة التعليم لمرحلة واحدة من ثمانية أعوام، التي أقرها مجلس الأمن القومي في 28 شباط عام 1997 بعد انقلاب الجيش على السلطة السياسة، لتبدأ صفحة نظام جديد يتكون من ثلاث مراحل كل منها من أربع سنوات. و أبرز التغييرات التي تطبع النظام الجديد هو إدراج تعليم القرآن الكريم و السيرة النبوية الشريفة ضمن المواد الإختيارية للمنهج الدراسي لطلاب المرحلتين المتوسطة و الثانوية.
و بهذا ستعود مدارس الإمام خطيب الدينية لفتح مراحلها المتوسطة من جديد بعد أن أغلقت بسبب نفس القرار المذكور سابقا. كما سيكون باستطاعة التلميذ التركي اعتبارا من نهاية المرحلة الأولى التوجه نحو التعليم التخصصي، الأمر الذي لا يسمح به النظام الحالي.

يقول البروفيسور أستون إرغودير، مدير فريق ما يعرف ''بمبادرة إصلاح التعليم '' التركية التابعة لجامعة سابانجي التركية العلمانية، أن نتائج دراسة قاموا بها بخصوص النظام الجديد، تشير إلى أن هذا الأخير سيؤثر سلبيا على تعليم الأطفال و تنمية قدراتهم.
و فيما يتعلق بإدراج المواد الدينية ضمن المنهج الدراسي، يفيد البروفيسور إرغودير أن هذا الأمر سيخلق نوعا من التفرقة ما بين الطلاب، و سيعرض الطالب للضغط من قبل المدرسين، الأسرة و أقرانه. و بالتالي و حسب تعليقه، فالحل لتخطي هذا العائق هو أن يصبح التعليم الديني حسب الرغبة و ليس إختياريا، أي أنه يقترح أن تضطلع الأسرة بمهمة التعليم الديني حسب رغبة أطفالها، لأن المدرسة كما قال '' يجب أن يبذل فيها الجهد لتنمية الأطفال بشكل متوازن.''

و ترى الكاتبة الصحفية في النسخة الإنجليزية لجريدة زمان التركية نيكول بوبي، أن تبني هذا القانون الجديد يرسل إشارة واضحة بأن '' الحكومة التركية الآن قوية بما فيه الكفاية لتمرير قانون في البرلمان في وقت قصير، مع الحد الأدنى من الإستشارة مع المجتمع المدني و أحزاب المعارضة ''.
و تقول أن الطريقة التي تم من خلالها قبول مشروع الإصلاح، تخلق انطباعا بأن أهمية هذا القانون بالنسبة لحكومة أردوغان يكمن في رغبة حزب العدالة و التنمية بتصفية الحسابات مع المؤسسة العلمانية أكثر من الأخذ بعين الإعتبار احتياجات أطفال تركيا و الدولة نفسها، حسب ما كتبت.
مضيفة أنه كان على الحكومة التركية بدل سن هذا الإصلاح، التركيز على تحسين نوعية التعليم في تركيا و الذي برأيها أقل بكثير من التعليم حسب المعايير الدولية. و عليه '' كان على الحكومة التركية ضمان امتلاكها لما يكفي من الموارد قبل الشروع في إصلاح جذري هكذا، حسب رأيها.

كان الحزب الجمهوري العلماني قد فرض عام 1932 رفع الآذان باللغة التركية، حتى عام 1950 عندما أعلن رئيس الوزراء التركي آنذاك عدنان مندريس بأن الآذان سيعود للغة العربية، و يقال أن الإنقلاب العسكري عام 1960 و إعدام عدنان مندريس كان بسبب قراره هذا.
و من خلال حساب تويتر الخاص به، أفاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أنه '' كما وجد الآذان باللغة العربية مكانه داخل عقول الأتراك، سيجد النظام الجديد للتعليم نفس المكان أيضا''. كما كتب أنه و كما أعيدت للآذان باللغة العربية حرمته، '' سيعاد لتعليم القرآن الكريم حرمته كذلك.''
 و أشار في نفس الحساب إلى أن هناك أطرافا لم يسمها، تحاول تضليل الشعب التركي، مؤكدا أنه حكومته لن تسمح بذلك. و كتب '' إنهم يريدون إدارة المدارس الإبتدائية و المتوسطة '' بعقلية القشلة '' و لو سنحت لهم الفرصة لأجبروا طلاب الجامعات على ارتداء البذلة العسكرية ''.

و أكد أردوغان أن حكومته تسعى من خلال إصلاح نظام التعليم لجعل تركيا ضمن قائمة أكبر 10 دول في العالم بحلول عام  2023 الذي يصادف حلول الذكرى 100 لتأسيس الجمهورية التركية.

و أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) أن الشباب الأتراك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 26 سنة، مازالوا إلى حد كبير ينظرون فقط للداخل التركي،و قد زار واحد من أصل 10 فقط دولة أجنبية، فيما يتحدث 41% فقط منهم لغة أجنبية.

فيلم '' فتح 1453 '' يداعب كبرياء الأتراك





وسيمة بن صالح - إسطنبول

رغم تحريفه لبعض الحقائق التاريخية في عهد الدولة العثمانية، إلا أن الفيلم التركي '' فتح 1453 '' مازال يحصد المزيد من النجاح و تهافت الأتراك لمشاهدته في صالات العرض السينيمائية. إذ أنه يحيي بالصوت والصورة الحدث الأكثر أهمية في تاريخ الدولة العثمانية، الذي لطالما سكن مخيلتهم و هم صغار كما يقول معظمهم، ألا و هو فتح مدينة القسطنطينية على يدي السلطان محمد الثاني المعروف بإسم محمد الفاتح، و التي أصبحت فيما بعد إسطنبول، و تخليصها من حكم الإمبراطورية البيزنطية.
 يعتبر هذا الفيلم أغلى الأفلام في تاريخ السينما التركية، إذ بلغت ميزانيته 17 مليون دولار، كما حطم الأرقام القياسية لنسبة المشاهدات.  فحتى مدرسو التاريخ في المدارس التركية يوصون طلابهم بمشاهدته، ما زاد من كثافة الإقبال عليه، و دفع بصالات العرض السينيمائية  إلى إلغاء الخدمة الهاتفية للحجز المسبق الخاصة بهذا الفيلم تحديدا، طالبة من المتصلين القدوم شخصيا للحصول على المقاعد في عين المكان.
يعزي الصحفي الشاب راغب سويلو أسباب نجاح هذا الفيلم إلى مخاطبته كبرياء الشعب التركي الذي يرى نفسه وريثا للإمبراطورية العثمانية و يحن '' للأيام الخوالي الجميلة المفعة بأمجاد أسلافهم ''. فالأتراك يعتبرون  فتح مدينة إسطنبول علامة  نجاح فارقة في تاريخ أسلافهم، و يفخرون حسب تعليقه بالإنتماء لمن قال فيهم الرسول عليه الصلاة و السلام '' لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ''.  

و تشاطره الرأي المهندسة المعمارية شولة أرتكين التي ترى أن هذا الفيلم يمثل و لو بشكل نسبي '' رد الجميل لآلاف الجنود الشجعان  الذين بذلوا أرواحهم فداء لهذه الأرض التي تعيش عليها هي و جيلها المعاصر، '' بشكل مريح و بدون مبالاة ''، يجهلون حتى أسماء من تركوا هذه '' الأرض الغالية أمانة لهم ''. و تؤكد أن هذا الفيلم جعلها تقدر القيمة الحقيقية الكبيرة لفتح مدينة إسطنبول.

و لا تخفي  فاطمة تيزال، عاملة  النظافة في إحدى الشركات الخاصة إعجابها الشديد بالفيلم، و تحكي بحماسة  كيف كانت دائما و منذ الطفولة تحلم بمعرفة كيف تمت معركة فتح مدينة إسطنبول و انتصار '' أسلافها '' فيها، لهذا اصطحبت بدورها إبنها ذو 7 سنوات لمشاهدة الفيلم. و تختم قائلة  '' مشهد نصب العلم العثماني في النهاية و الإنتصار، جعلني أنا و أسرتي نشعر باعتزاز لا يمكن وصفه بتاريخ أجدادنا العثمانيون.''

 موضوع الفيلم المهم، لم يمنع العديد من الأتراك من الشعور بخيبة الأمل، كما حدث مع مصممة الإعلانات إيبرو دافران، التي تروي كيف اختفى شعورها الحماسي بعد انتهاء أحداث الفيلم، لما وجدت فيه من تحريف للحقائق التاريخية و إغفال ذكر أخرى كانت محورا مهما مثل مشهد جر السفن من اليابسة إلى البحر، الذي و حسب تعبيرها كانت تتوق لمشاهدته بالدرجة الأولى. كما تنتقد بشدة، تحريف حقيقة إنزال السلطان محمد الفاتح من على العرش، و إبراز الحدث على أنه نتيجة لغضب الشعب منه، و تشرح أنها تتذكر رسالة كتبها لوالده السلطان مراد عندما رفض العودة للتربع على العرش، و التي جاء فيها ما يلي :
'' إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة  دولتك ،وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش''. و تستغرب لماذا لم تدرج هذه الكلمات رغم أهميتها في أحداث الفيلم.
و يشاركها علي سغلام، صاحب شركة في مجال الإعلام الجديد، خيبة أملها، فقد ذهب لمشاهدة شخصية القائد الأسطوري محمد الفاتح. ليجد نفسه  كما قال أمام '' شخصية الجندي في الجيش العثماني '' أولوباتلي حسن '' و قصة حبه مع الشخصية '' إيرا '' التي أسرت من قبل البيزنطينيين قبل أن يشتريها المهندس الذي صنع المدفع الضخم الذي ساهم في فتح إسطنبول.''



 يشار إلى أن الأفلام التي حازت من قبل على أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ السينما التركية، تنتمي للكوميديا و الأكشن، أهمها فيلمين من الثلاثية الكوميدية التي تحمل إسم  '' رجب إفديك '' و فيلم الأكشن و المغامرات '' وادي الذئاب العراق ''. لكن أيا من هاذين الفيلمين لم يتجاوز5 ملايين مشاهد، في حين و حسب الإحصائيات التركية، فقد شاهد فيلم '' فتح 1453 '' أكثر من 6 ملايين مشاهد منذ بداية عرضه في 16 من شهر فبراير / شباط الماضي، محققا أرباحا وصلت في نهاية أسبوع عرضه الخامس إلى ما يقدر بأكثر من 50 مليون دولار.
و عرض الفيلم في 850 صالة عرض خارج تركيا و هي : المانيا، هولندا، بلجيكا، النمسا، فرنسا، انجلترا، سويسرا، الجمهورية التركية القبرصية الشمالية، اندونيسيا، ماليزيا، روسيا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، كوريا الجنوبية ، تايلاند، اليابان والولايات المتحدة الامريكية.