وسيمة بن صالح - إسطنبول
رغم تحريفه لبعض الحقائق التاريخية في عهد الدولة العثمانية، إلا أن الفيلم التركي '' فتح 1453 '' مازال يحصد المزيد من النجاح و تهافت الأتراك لمشاهدته في صالات العرض السينيمائية. إذ أنه يحيي بالصوت والصورة الحدث الأكثر أهمية في تاريخ الدولة العثمانية، الذي لطالما سكن مخيلتهم و هم صغار كما يقول معظمهم، ألا و هو فتح مدينة القسطنطينية على يدي السلطان محمد الثاني المعروف بإسم محمد الفاتح، و التي أصبحت فيما بعد إسطنبول، و تخليصها من حكم الإمبراطورية البيزنطية.
يعتبر هذا الفيلم أغلى الأفلام في تاريخ السينما التركية، إذ بلغت ميزانيته 17 مليون دولار، كما حطم الأرقام القياسية لنسبة المشاهدات. فحتى مدرسو التاريخ في المدارس التركية يوصون طلابهم بمشاهدته، ما زاد من كثافة الإقبال عليه، و دفع بصالات العرض السينيمائية إلى إلغاء الخدمة الهاتفية للحجز المسبق الخاصة بهذا الفيلم تحديدا، طالبة من المتصلين القدوم شخصيا للحصول على المقاعد في عين المكان.
يعزي الصحفي الشاب راغب سويلو أسباب نجاح هذا الفيلم إلى مخاطبته كبرياء الشعب التركي الذي يرى نفسه وريثا للإمبراطورية العثمانية و يحن '' للأيام الخوالي الجميلة المفعة بأمجاد أسلافهم ''. فالأتراك يعتبرون فتح مدينة إسطنبول علامة نجاح فارقة في تاريخ أسلافهم، و يفخرون حسب تعليقه بالإنتماء لمن قال فيهم الرسول عليه الصلاة و السلام '' لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ''.
و تشاطره الرأي المهندسة المعمارية شولة أرتكين التي ترى أن هذا الفيلم يمثل و لو بشكل نسبي '' رد الجميل لآلاف الجنود الشجعان الذين بذلوا أرواحهم فداء لهذه الأرض التي تعيش عليها هي و جيلها المعاصر، '' بشكل مريح و بدون مبالاة ''، يجهلون حتى أسماء من تركوا هذه '' الأرض الغالية أمانة لهم ''. و تؤكد أن هذا الفيلم جعلها تقدر القيمة الحقيقية الكبيرة لفتح مدينة إسطنبول.
و لا تخفي فاطمة تيزال، عاملة النظافة في إحدى الشركات الخاصة إعجابها الشديد بالفيلم، و تحكي بحماسة كيف كانت دائما و منذ الطفولة تحلم بمعرفة كيف تمت معركة فتح مدينة إسطنبول و انتصار '' أسلافها '' فيها، لهذا اصطحبت بدورها إبنها ذو 7 سنوات لمشاهدة الفيلم. و تختم قائلة '' مشهد نصب العلم العثماني في النهاية و الإنتصار، جعلني أنا و أسرتي نشعر باعتزاز لا يمكن وصفه بتاريخ أجدادنا العثمانيون.''
موضوع الفيلم المهم، لم يمنع العديد من الأتراك من الشعور بخيبة الأمل، كما حدث مع مصممة الإعلانات إيبرو دافران، التي تروي كيف اختفى شعورها الحماسي بعد انتهاء أحداث الفيلم، لما وجدت فيه من تحريف للحقائق التاريخية و إغفال ذكر أخرى كانت محورا مهما مثل مشهد جر السفن من اليابسة إلى البحر، الذي و حسب تعبيرها كانت تتوق لمشاهدته بالدرجة الأولى. كما تنتقد بشدة، تحريف حقيقة إنزال السلطان محمد الفاتح من على العرش، و إبراز الحدث على أنه نتيجة لغضب الشعب منه، و تشرح أنها تتذكر رسالة كتبها لوالده السلطان مراد عندما رفض العودة للتربع على العرش، و التي جاء فيها ما يلي :
'' إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك ،وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش''. و تستغرب لماذا لم تدرج هذه الكلمات رغم أهميتها في أحداث الفيلم.
و يشاركها علي سغلام، صاحب شركة في مجال الإعلام الجديد، خيبة أملها، فقد ذهب لمشاهدة شخصية القائد الأسطوري محمد الفاتح. ليجد نفسه كما قال أمام '' شخصية الجندي في الجيش العثماني '' أولوباتلي حسن '' و قصة حبه مع الشخصية '' إيرا '' التي أسرت من قبل البيزنطينيين قبل أن يشتريها المهندس الذي صنع المدفع الضخم الذي ساهم في فتح إسطنبول.''
يشار إلى أن الأفلام التي حازت من قبل على أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ السينما التركية، تنتمي للكوميديا و الأكشن، أهمها فيلمين من الثلاثية الكوميدية التي تحمل إسم '' رجب إفديك '' و فيلم الأكشن و المغامرات '' وادي الذئاب العراق ''. لكن أيا من هاذين الفيلمين لم يتجاوز5 ملايين مشاهد، في حين و حسب الإحصائيات التركية، فقد شاهد فيلم '' فتح 1453 '' أكثر من 6 ملايين مشاهد منذ بداية عرضه في 16 من شهر فبراير / شباط الماضي، محققا أرباحا وصلت في نهاية أسبوع عرضه الخامس إلى ما يقدر بأكثر من 50 مليون دولار.
و عرض الفيلم في 850 صالة عرض خارج تركيا و هي : المانيا، هولندا، بلجيكا، النمسا، فرنسا، انجلترا، سويسرا، الجمهورية التركية القبرصية الشمالية، اندونيسيا، ماليزيا، روسيا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، كوريا الجنوبية ، تايلاند، اليابان والولايات المتحدة الامريكية.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق